للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلٍّ خير" (١).

فالقدرةُ إن لم تكن معها حكمة، بل كان القادر يفعل ما يريده، بلا نظر في العاقبة، ولا حكمة محمودة يطلبها بإرادته ويقصدها بفعله، كان فعله (٢) فسادًا، كصاحب شهوات الغي والظلم، الَّذي يفعل بقوّته ما يريده من شهوات الغي في بطنه وفرجه ومن ظلم الناس، فإنَّ هذا وإن كان له قوَّة وعزَّة لكن لما لم يقترن بها حكمة كان ذلك معونةً على شرِّه وفساده.

وكذلك العلمُ كمالُه أن يقترن به الحكمة، وإلا فالعالم الَّذي لا يريد ما تقتضيه الحكمة وتوجبه، بل يريد ما يهواه = سفيهٌ غاوٍ، وعلمه عون له على الشرِّ والفساد.

هذا إذا كان عالمًا قادرًا مريدًا له إرادة من غير حكمة. وإن قدَّر أنَّه لا إرادة له بحال فهذا أوَّلًا ممتنع من الحي، فإنَّ وجود الشعور بدون حب ولا بغض ولا إرادة ممتنعٌ كوجود إرادةٍ بدون الشعور. وأمَّا القدرة والقوَّة إذا قدّر وجودها بدون إرادة فهي كقوة الجماد، فإنَّ القوَّة الطبيعية: التي هي مبدأ الفعل والحركة (٣)، وقد قال بعض النَّاس: إنَّ لمحلِّها (٤) شعورًا يليق به، واحتجَّ بقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا


(١) سبق تخريجه في ص (١٤٧).
(٢) "ك، ط": "فعلها".
(٣) زاد هنا في "ط" بين حاصرتين: "لا إرادة لها" ليكون خبرًا لإنّ، وقال في الحاشية إن في الأصل بياضًا! ولا بياض في أصولنا.
(٤) في "ط": "إن [للجماد] " وذكر في الحاشية أن في الأصل (تحملها) وهو تحريف". والصواب ما أثبتنا.