للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل [في نقد كلام أبي العبّاس في منازل الخواصّ]

قال أبو العباس: "فهذه كلّها عِلَلٌ أنِفَ الخواصّ منها، وأسباب انفطموا عنها. فلم يبق لهم مع الحقِّ إرادة، ولا في عطائه تشوُّف (١) إلى استزادة. فهو منتهى زادهم (٢) وغايةُ رغبتهم، فيعتقدون أنَّ ما دونه قاطع عنه. {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} (٣) [الأنعام/ ١٩]. وإنَّما زهدُهم جمعُ الهمة عن تفريقات (٤) الكون؛ لأنَّ الحقَّ عافاهم بنور الكشف عن التعلّق بالأحوال. {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧)} [ص/ ٤٦ - ٤٧] " (٥).

قلت: يشير بذلك إلى المحو ومقام الفناء الذي هو غاية الغايات عنده، وقد تقدّم الكلام عليه وأن مقام الصحو والبقاء أفضل منه وأتمّ عبودية.

وينبغي أنَّ يعرف أنَّ مراعاة مقام الفناء الذي جعلوه غايةً آل بكثير من


(١) "ك، ط": "تشوّق". وفي المجالس: "شوق".
(٢) كذا في الأصل وغيره. وفي المجالس: "مرادهم"، وهو أصحّ.
(٣) كذا وردت الآية في الأصل و"ف، ب"، وفي "ك، ط" مع تكملة "شهيد". ثم لم ترد في مطبوعة المجالس هذه الآية. وسيأتي في شرح المصنف أن معناها أجنبي عن موضع الاستدلال. وذكر أن نظير هذا استشهادهم بقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} [الأنعام/ ٩١]. وهذه الآية هي التي وردت هنا في مطبوعة المجالس!
(٤) "ك": "تعريفات". "ط": "تعرفات"، تحريف. وفي المجالس: "تفرّقات".
(٥) محاسن المجالس (٩٥).