للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله في الدرجة الثالثة إنَّها "نار (١) أضرمها صفوُ المحبة". يعني أنَّ هذا الشوق يتوقَّد من خالص المحبة التي لا تشوبها علَّة، فهو أشدّ أنواع الشوق. ولهذا "نغَّصت العيش" أي: كدَّرته ونغَّصت المشتاق فيه لأنَّه لا يصل إلى محبوبه ما دام فيه، فهو يترقَّب (٢) مفارقته.

وقوله: "وسلبت السلوة (٣) " يعني أنَّ صاحبه لم يبق له مطمع في سلوّه (٤) أبدًا. وهذا أعظم ما يكون من الحبّ والشوق: أنَّ المحبّ ييأس من السلوّ، وينقطع طمعه منه، كما ييأس (٥) من الأمور الممتنعة، كرجوع أيَّام الشباب عليه، وعَوده طفلًا، ونحو ذلك.

وقوله: "ولم ينهنهها مغزًى (٦) دون اللقاء". أي: أنَّ هذه النار لا يبرِّدها ولا يفتّر حرَّها مقصودٌ ولا مطلبٌ ولا مرادٌ دون لقاء محبوبه، فليس له سبيل إلى تبريدها وتسكينها إلا بلقاءِ محبوبه.


(١) في الأصل: "الثالثة انهار"، سبق قلم.
(٢) "ف": "يرقب".
(٣) "ط": "السلو".
(٤) "ب": "سلوة".
(٥) "ط": " أيس. . انقطع. . أيس".
(٦) "ط": "مقرّ"، ويخالفه تفسير المؤلف.