للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يدركها. وهذ ابناءً على قاعدته في كلِّ باب من أبواب كتابه بجعل (١) الدرجة الثالثة (٢) التي تتضمن الفناءَ أكمل ممَّا قبلها.

والصواب أنَّ الدرجة الثانية أكمل من هذه وأتمّ، وهي درجة الكمَّل (٣) من المحبين. ولهذا كان إمامهم وسيدهم وأعظمهم حبًّا -صلى اللَّه عليه وسلم- في الذروة العليا من المحبة، وهو مراع لجزئيات الأمر ولجزئيات الأمة (٤)، مثل سماعِه بكاءَ الصبيّ في الصلاة فيخفّفها لأجله (٥)، ومثل التفاته في صلاته إلى الشعب الذي بعث منه العينَ يتعرَّف له أمر العدوّ (٦)، هذا وهو في أعلى درجات (٧) المحبة.

ولهذا رأى ما رأى ليلة الإسراء (٨)، وهو ثابت الجأش، حاضر القلب، لم يفنَ عن تلقّي خطاب ربه وأوامره، ومراجعته في أمر الصلاة مرارا. ولا ريب أنَّ هذه (٩) الحال أكمل من حال موسى الكليم صلوات اللَّه وسلامه عليهما وعلى جميع النبيين، فإنَّ موسى خرَّ صعقًا وهو في


(١) كذا في "ك". وفي "ط": "يجعل" ولم ينقط أوله في الأصل وغيره.
(٢) "ك، ط": "العالية"، تحريف.
(٣) "ط": "الكملة"، وقد مرّت أمثلة من هذا التغيير في "ط".
(٤) في "ب" تحرفت كلمة "الجزئيات" في الموضعين إلى "حرمات". وفي "ك": "لجريان الأمور". وفي "ط": "لجريان الأمور وجريان الأمة".
(٥) كما في حديث أبي قتادة الذي أخرجه البخاري في كتاب الأذان (٧٠٧)، وحديث أنس الذي أخرجه مسلم في كتاب الصلاة (٤٧٠).
(٦) أخرجه أبو داود (٢٥٠١)، وابن خز يمة (٤٨٧)، وأبو عوانة (٥/ ٩٨)، والحاكم (٨٦٥). والحديث صححه ابن خزيمة والحاكم. (ز).
(٧) "ك، ط": "درجة".
(٨) "ك، ط": "في ليلة الإسراء".
(٩) "ك، ط": "هذا".