للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحوجَ ما هو إليه عند خروج روحه إلى اللَّه. ومن كان مشغولًا بغيره في حال حياته وصحّته فيعسر (١) عليه اشتغاله باللَّه وحضوره معه عند الموت، ما لم تدركه عناية من ربّه. ولأجل هذا كان جديرًا بالعاقل أن يُلزِم قلبَه ولسانه ذكرَ اللَّه حيثما كان، لأجل تلك اللحظة التي إن فاتته (٢) شقي شقاوة الأبد. فنسأل اللَّه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فصل [حدود أخرى للمحبَّة]

وقد قيل في المحبة حدود كثيرة غير ما ذكره أبو العبّاس.

فقيل: "المحبة ميل القلب إلى محبوبه". وهذا الحدّ لا يعطي تصوّر حقيقة المحبة، فإنَّ المحبة أعرف عند القلب من الميل. وأيضًا فإنَّ الميل لا يدلّ على حقيقة المحبة، فإنَّها أخصّ من مجرَّد ميل القلب، إذ قد يميل قلب العبد إلى الشيء ولا يكون محبًّا له لمعرفته بمضرته له؛ فإن سمّي هذا الميل (٣) محبة فهو اختلاف عبارة.

وقيل: "المحبة علم المحبّ بجمال المحبوب ومحاسنه". وهذا حدّ قاصر، فإن العلم بجماله ومحاسنه هو السبب الداعي إلى محبته، فعبر عن المحبة بسببها.

وقيل: المحبة تعلّق القلب بالمحبوب.


(١) كذا بالفاء في الأصل وغيره.
(٢) "ط": "فاتت".
(٣) "ف": "الدليل"، تحريف.