للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد (١) ذكر ابن أبي الدنيا في "كتاب المحتضرين" (٢) عن زُفَر رحمه اللَّه (٣) أنَّه جعل يقول عند موته: "لها ثلاثة أخماس الصداق، لها ربع الصداق، لها كذا. . . " حتَّى (٤) مات؛ لامتلاءِ قلبه رحمه اللَّه من محبّة (٥) الفقه والعلم.

وأيضًا فإنه عند الموت تنقطع شواغله، وتتعطَّل (٦) حواسّه، فيظهر ما في القلب، ويقوى سلطانه، فيبدر ما فيه من غير حاجب ولا مدافع. وكثيرًا ما سُمِعَ من بعض المحتضرين عند الموت: "شاه مات" (٧). وسُمِعَ من آخر بيتُ شعر لم يزل يغنِّي به، حتَّى مات، وكان مغنِّيًا. وأخبرني رجل عن قرابة له أنه حضره عند الموت -وكان تاجرًا يبيع القماش- قال فجعل يقول: "هذه قطعة جيدة، هذه على قدرك، هذه مشتراها رخيص تساوي كذا وكذا. . . " حتى مات. والحكايات (٨) في هذا كثيرة جدًا.

فمن كان مشغولًا باللَّه وبذكره ومحبته في حال (٩) حياته وجد ذلك


(١) "قد" ساقط من "ك، ط".
(٢) ص (١٧٨) مع اختلاف يسير في اللفظ.
(٣) زفر بن الهذيل العنبري (١١٠ - ١٥٨ هـ) من تلامذة أبي حنيفة. قال الذهبي: "من بحور الفقه وأذكياء الوقت. . . وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وكان يدري الحديث ويتقنه". سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٩).
(٤) "حتى" ساقط من "ط".
(٥) "محبة" ساقط من "ف".
(٦) "ك، ط": "تبطل".
(٧) انظر: محاضرات الأدباء (٢/ ٥٠٢). و"شاه" من أحجار الشطرنج.
(٨) "ط": "الحكاية"، خطأ.
(٩) "ف": "كلّ"، تحريف.