للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلْيشتغل بها العبد أو ليُعرض عنها.

ومن لم يتحقق بها علمًا وحالًا وعملًا لم يتحقَّق بشهادة أن لا إله إلا اللَّه، فإنَّها سرّها وحقيقتها ومعناها، وإن أبي ذلك الجاحدون، وقصَّر عن علمه الجاهلون. فإنَّ الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهُه (١) القلوب بحبها، وتخضع له، وتذِلّ له، وتخافه، وترجوه، وتنيب إليه في شدائدها، وتدعوه في مهمَّاتها، وتتوكَّل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه، وتطمئن بذكره، وتسكن إلى حبّه. وليس ذلك إلا اللَّه (٢) وحده. ولهذا كانت (٣) أصدقَ الكلام، وكان أهلُها أهلَ اللَّه وحزبَه، والمنكرون لها أعداءه وأهل غضبه ونقمته.

فهذه المسألة قطب رحى الدين الذي عليه مداره، وإذا صحَّت صحَّ بها كل مسألة وحال وذوق، وإذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه، وأعماله، وأحواله، وأقواله. ولا حولَ ولا قوَّة إلا باللَّه.

فلنرجع إلى شرح كلامه.

فقوله: "وأمَّا محبة العوام فهي محبة تنبُت من مطالعة المنَّة" يعني أنَّ لهذه المحبة منشأ وثبوتًا (٤) ونموًّا. فمنشؤها الإحسان ورؤية فضل اللَّه ومنته على عبده. وثبوتها باتباع أوامره التي شرعها على لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. ونموها وزيادتها يكون بإجابة العبد لدواعي فقره وفاقته إلى ربّه، فكلَّما (٥) دعاه فقره وفاقته إلى ربّه أجاب هذا الداعي. وهو فقير بالذات،


(١) "ف": "تأله"، سهو، وفي "ط": "تؤلّهه".
(٢) "ب": "للَّه".
(٣) يعني كلمة لا إله إلَّا اللَّه. وقد وضعت في "ط" بين حاصرتين.
(٤) "ب": إثباتًا".
(٥) "ف": "وكلّما".