للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "فالإرادة (١) والزهد والتوكل والصبر والحزن والخوف والرجاء والشكر والمحبة والشوق من منازل أهل الشرع السائرين إلى عين الحقيقة، فإذا شاهدوا عين الحقيقة اضمحلَّت فيها أحوال المشاهدين (٢) حتَّى يفنى ما لم يكن، ويبقى ما لم يزل" (٣).

قلت: الحقائق التي يشار (٤) إليها على لسان أهل السلوك ثلاثة (٥):

حقيقة إيمانية نبوية: وهي حقيقة العبودية التي هي كمال الحبّ وكمال الذلّ. وسير أهل الاستقامة إنَّما هو إلى هذه الحقيقة، ومنازل السير التي ينزلون فيها هي منازل الإيمان الموصلة إليها. والمنحرفون لا يرضون بهذه الحقيقة، ولا يقفون معها، ويرونها منزلةً من منازل العامَّة!

الحقيقة الثانية: حقيقة كونية قدرية. يشاهدون فيها انفرادَ (٦) الربّ سبحانه بالتكوين والإيجاد وحده، وأنَّ العالم كالمَوَات (٧) يقلِّبه ويصرِّفه كيف شاء (٨). وهم يعظِّمون هذا المشهد ويرون الفناءَ فيه غايةً ما بعدها


(١) "ب، ط": "والإرادة".
(٢) محاسن المجالس (٩٦).
(٣) قراءة "ف" وغيرها: "الشاهدين". وفي المجالس: "السائرين".
(٤) "ك، ط": "أشار".
(٥) كذا في الأصل والنسخ الأخرى. وفي "ط": "ثلاث".
(٦) "ف": "أنوار"، تحريف.
(٧) في "ك" أقحمت كلمة "كانوا" قبل "كالموات". وفي "ط": "كالميت".
(٨) "ط": "يشاء".