للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثار أسمائه وصفاته، كما يمتنع تعطيلُ ذاته عنها. وهذه الآثار لها متعلقات ولوازم يمتنع أن لا توجد، كما تقدم التنبيه عليه.

وأيضًا فإن تنويع أسباب الحمد أمرٌ مطلوب للرب محبوب له، فكلما (١) تنوعت أسبابُ الحمد تنوع الحمدُ بتنوعها، وكثر بكثرتها. ومعلومٌ أنَّه سبحانه محمود على انتقامه من أهل الإجرام والإساءة، كما هو محمود على إكرامه لأهل العدل والإحسان. فهو محمود (٢) على هذا وعلى هذا، مع ما يتبع ذلك من حمدِه على حلمه وعفوه ومغفرته، وترك حقوقه ومسامحة خلقه بها، والعفو عن كثير من جنايات العبيد. فنبّهَهم باليسير من عقابه وانتقامه على الكثيرِ الَّذي عفا عنه، وأنَّه لو عاجلهم بعقوبته، وأخذهم بحقه، لقُضِيَ إليهم أجلُهم، ولما ترك على ظهرها من دابة. ولكنَّه سبقت رحمتُه غضبَه، وعفوُه انتقامَه، ومغفرته عقابَه. فله الحمد على عفوه وانتقامه، وعلى عدله وإحسانه، ولا سبيل إلى تعطيل أسباب حمده ولا بعضها. فليتدبر اللبيبُ هذا الموضع حقَّ التدبر، وليعطه حقَّه يُطْلِعْه على أبوابٍ عظيمةٍ من أسرار القدر، ويهبطْ به (٣) على رياضِ منه مُعْشِبةٍ وحدائقَ مُؤْنِقة، واللَّه الموفِّق الهادي للصواب.

وأيضًا فإنَّ اللَّه سبحانه نوَّع الأدلَّة الدَّالّة عليه والتي تعرّف عباده به غاية التنوع، وصرَّف الآيات، وضرب الأمثال، ليقيمَ عليهم حجَّته البالغة، ويتمَّ بذلك عليهم (٤) نعمته السابغة، ولا يكون لأحدٍ بعد ذلك


(١) "ط": "فكما".
(٢) "ط": "محمول"، خطأ.
(٣) "ن": "يهبطه".
(٤) "ك، ط": "عليهم بذلك".