للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأرواح الآدميَّة التي أودعتْ هذه الأجسادَ. فمن كان منهم زانيًا أو زانيةً كوفئ بأن جُعِل في بدن حيوان لا يمكنه (١) الجماع كالبغال، ومن كان منهم عفيفًا عن الزنا مع ظلمه وغشمه (٢) كوفئ بأن جعل في بدن تيس أو عصفور أو ديك، ومن كان منهم جبَّارًا عنيدًا كوفئ بأن جعل في بدن قملة أو قُرادة (٣) ونحوهما، إلى أن يُقتصَّ منهم ثم يُردّون، فمن عصى منهم بعد كرَّته (٤) كُرِّر أيضًا عليه ذلك التناسخ هكذا أبدًا حتى يطيع طاعةً لا معصية بعدها أبدًا، فينتقل إلى الجنَّة من وقته؛ أو يعصي معصيةً لا طاعة معها، فينتقل إلى جهنَّم من وقته (٥). وقد ذهب إلى هذا المذهب من المنتسبين إلى الإسلام رجلٌ يقال له أحمد بن حابط (٦) طردًا لأصول (٧) القدرية وشريعتهم التي شرعوها للَّه، فأوجبوا بها عليه وحرّموا.

وذهب المجوس إلى أنَّ هذه الآلام والشرور من الإله الشرِّير المظلم، فلا تضاف إلى الإله الخير العادل، ولا تدخل تحت قدرته. ولهذا كان أشبهَ أهلِ البدع بهم القدريةُ النفاة.

وقالت الزنادقة والدهرية: كل ذلك من تصرف الطبيعة وفعلها،


(١) "ط": "ما يمكنه".
(٢) "ف": "طلبه وتجشمه".
(٣) "ط": "جرادة".
(٤) "ب": "كونه". "ك": "كذبه". "ط": "ردّه"، تحريفات.
(٥) "أو يعصي. . . " إلى هنا سقط من "ط".
(٦) معتزلي، من أصحاب النظام، وطائفته تسمى الحابطية. انظر: لسان الميزان (١/ ١٤٨)، الملل والنحل (٦٣).
(٧) "ط": "طرد أصول".