للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنعتَ، حتى إذا بلغتِ التراقي قلتَ: أتصدّق، وأنَّى أوانُ الصدقة! " (١).

ومن ههنا خُذِلَ مَن خُذِلَ ووُفِّقَ مَنْ وُفِّقَ، فحُجب المخذول عن حقيقته وأُنسيَ (٢) نفسه، فنسي فقره وحاجته وضرورَته إلى ربه، فطغى وبغى (٣) وعتا، فحقّت عليه الشقوة. قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق/ ٦ - ٧] وقال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)} [الليل/ ٥ - ١٠].

فأكملُ الخلقِ أكملُهم عبودية وأعظمهم شهودًا لفقره وحاجته (٤) وضرورته إلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين. ولهذا كان من دعائه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصلحْ لي شأني كلَّه، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين، ولا إلى أحدٍ مِن خَلْقِك" (٥).


(١) أخرجه أحمد (١٧٨٤٢)، وابن ماجه (٢٧٠٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٨٦٩، ٨٧٠)، والحاكم (٢/ ٥٤٥) (٣٨٥٥) وغيرهم.
وفيه عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي. قال ابن المديني: مجهول، لم يرو عنه غير حريز. وقال ابن حجر: مقبول. وقد روى عنه جماعة. وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات. ووثَّقه العجلي وابن حبان.
والحديث صحح إسناده الحاكم والبوصيري وابن حجر. انظر: مصباح الزجاجة (٣/ ١٤٣)، والإصابة (١/ ١٥٣). (ز).
(٢) "ك، ط": "نسي".
(٣) "وبغى" ساقط من "ط".
(٤) "ك، ط": "ضرورته وحاجته".
(٥) أخرجه أحمد (٢٠٤٣٠) مطولًا، وأبو داود (٥٠٩٠)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٦٥١)، وابن حبان (٩٧٠) مختصرًا، والطيالسي في مسنده (٩١٠) وغيرهم. وليس عندهم: "ولا إلى أحد من خلقك". =