للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برُسُل. قال غير واحد من السلف: الرسل من الإنس، وأمَّا (١) الجنّ ففيهم النذر (٢).

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} (٣) [يوسف/ ١٠٩] فهذا يدلّ على أَنَّه لم يرسل جنيًّا ولا امرأةً ولا بدويًّا. وأمَّا تسميته تعالى الجنّ رجالًا في قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن/ ٦] فلم يطلق عليهم الرجال، بل هي تسمية مقيَّدة بقوله: {مِنَ الْجِنِّ}، فهم رجال من الجنّ، ولا يستلزم (٤) ذلك دخولهم في الرجال عند الإطلاق، كما تقول: رجال من حجارة، ورجال من خشب، ونحوه.

فصل

وقد اتفق المسلمون على أنَّ كفَّار الجنّ في النَّار. وقد دلَّ على ذلك القرآن في غير موضع كقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)} [السجدة/ ١٣]، وقوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص/ ٨٥] فملؤها به منه وبكفار ذريته. وقال تعالى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ} [الأعراف/ ٣٨]. وقال تعالى في حكاية عن مؤمنيهم (٥):


(١) "ف": "فأما"، خلاف الأصل.
(٢) وهو قول مجاهد. انظر: زاد المسير (٣/ ١٢٥) وقال شيخ الإسلام إن جمهور العلماء على هذا. مجموع الفتاوى (١١/ ٣٠٧).
(٣) "نُوحي" قراءة حفص. وهي مضبوطة في "ف، ب" على قراءة غيره: "يُوحَى".
(٤) "ف": "ولم يستلزم"، سهو.
(٥) "ك، ط": "مؤمنهم".