للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على (١) طلب حظّهم ومرادهم من اللَّه، وهو الفناء؛ لم يكن سيرهم على تحصيل مراد اللَّه منهم، وهو القيامُ بعبوديته والتحقّقُ بها. والسائر على طلب تحصيل مراد اللَّه منه لا يكاد الفناءُ يحلّ بساحته ولا يعتريه.

والسبب الثاني: قوَّة الوارد، بحيث يغمره، ويستولي عليه، فلا يبقى فيه متَّسَعٌ لغيره أصلًا.

السبب الثالث: ضعف المحلّ عن احتمال ما يَرِدُ عليه. فمن هذه الأسباب الثلاثة يعرض الفناء.

ولمَّا رأى الصادق (٢) في طريقه السالكُ إلى ربِّه أنَّ أكثر أصحاب الفرق محجوبون عن هذا المقام، مشتَّتون في أودية الفرق؛ وشهدوا نقصهم، ورأوا ما هم فيه من الفناءِ أكملَ = ظنُّوا أنَّه لا كمال وراء ذلك، وأنَّه الغاية المطلوبة؛ فمن هنا جعلوه غاية.

ولكن أكمل من ذلك وأعلى وأجلّ هو القسم الثالث، وهو الفناءُ عن عبادةِ السوى، وإرادتِه، ومحبّتِه (٣)، وخشيتِه، ورجائِه، والتوكّلِ عليهِ، والسكون إليه. فيفنى بعبادة ربِّه ومحبته وخشيته ورجائه، وبالتوكّل (٤) عليه. وبالسكون إليه، عن عبادة غيره وعن محبّته ورجائه والتوكّل عليه، مع شهود الغير ومعاينته. فهذا أكمل من فنائه عن عبودية الغير ومحبته، مع عدم شهوده له وغَيبته عنه. فإنَّه إذا (٥) شهد الغيرَ في مرتبته


(١) "على" سقطت من "ط"، واستدركت في القطرية.
(٢) "الصادق" ساقط من "ب".
(٣) "ومحبته" سقطت من "ط"، واستدركت في القطرية.
(٤) "ط": "والتوكل".
(٥) "ك، ط": "فإذا" مكان "فإنّه إذا".