للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرق الحيرة: من دلَّنا وجمع علينا ربًّا ضائعًا، لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث (١) له، ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا ينزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا كلَّم أحدًا ولا يكلمه أحد. ولا ينبغي لأحد أن يذكر صفاته، ولا يعرّفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها، وبقلبه فلا يعقلها. وينبغي (٢) له أن يعاقب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها، أو أخبر عنه بها، أو أثبتها له، أو نسبها إليه، أو عرَّفه بها. بل التوحيد الصرف (٣) جحدُها، وتعطيله عنها، ونفي قيامها به واتصافه بها. وما لم تدركه عقولنا من ذلك فالواجب نفيُه، وجحده، وتكفير من أثبته، واستحلال دمه وماله، أو تبديعه وتضليله وتفسيقه. وكلَّما كان النفيُ أبلغَ كان التوحيدُ أتم، فليس كذا وليس كذا أبلغ في التوحيد من قولنا هو كذا وهو كذا.

فللّه العظيم أعظمُ حمدٍ وأتمُّه وأكملُه (٤) على ما منَّ به (٥) من معرفته وتوحيده، والإقرار بصفاته العُلى وأسمائه الحسنى، وإقرار قلوبنا بأنَّه اللَّه الذي لا إله إلا هو، عالمُ الغيب والشهادة، ربِّ العالمين، قيومُ السماوات والأرضين، إلهُ الأولين والآخرين، لم يزل (٦) ولا يزال موصوفًا بصفات الجلال، منعوتًا بنعوت الكمال، منزهًا عن أضدادها من


(١) "ن": "مجانب"، "ط": "محاذٍ". وهو ساقط من "ب".
(٢) النص من "لأحد أن يذكر" إلى هنا ساقط من "ب، ط"، ومستدرك في حاشية "ك" بخط متأخر.
(٣) زاد في "ب": "عندهم".
(٤) "ب": "أكمل حمد وأتمه وأعظمه".
(٥) "ب": "منَّ به علينا".
(٦) "لم يزل" ساقط من "ب، ك، ط".