للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به (١) وإقرارَه.

وهذا حقيقة القلب السليم الذي سلم من شهبة تعارض الحقَّ، وشهوةٍ تعارض الأمر، فلا استمتع بخلاقه كما استمتع به الذين يتّبعون الشهوات، ولا خاض في الباطل (٢) خوضَ الذين يتبعون الشبهات، بل اندرج خلاقُه تحت الأمر، واضمحلَّ خوضُه في معرفته بالحقِّ؛ فاطمأنَّ إلى اللَّه معرفةً به (٣)، ومحبةً له، وعلمًا بأمره، وإرادةً لمرضاته، فهذا حقُّ الحكم الديني.

الحكم الثاني: الحكمُ الكوني القدري الذي للعبد فيه كسب واختيار وإرادة، والذي حَكَمَ به يَسخطه ويُبغضه ويَذُمّ عليه. فهذا حقُّه أن يُنازَعَ ويُدَافَعَ بكلِّ ممكن ولا يُسالَمَ البتة، بل يُنازعَ بالحكم الكوني أيضًا، فينازعَ حكمُ الحقِّ بالحقِّ للحق، ويدافَع (٤) به وله، كما قال شيخ العارفين في وقته عبد القادر الجيلي: "النَّاسُ إذا وصلوا (٥) إلى القضاءِ والقدر أمسكوا، وأنا انفتحتْ لي فيه (٦) رَوزَنة (٧) فنازعتُ أقدارَ الحقِّ بالحقِّ للحقِّ. والعارفُ من يكون منازعًا للقدر، لا واقفًا مع القدر" (٨) انتهى.


(١) "به" ساقط من "ط"، وكذا من "ك"، ثمَّ استدرك بخط مغاير.
(٢) "ط": "الباطن" تحريف.
(٣) "به": ساقط من "ك".
(٤) "ك، ط": "فيدافع".
(٥) "ك، ط": "دخلوا".
(٦) "فيه" ساقط من "ك، ط".
(٧) الروزنة: الكوَّة النافذة، فارسي معرَّب. انظر: المعرب (٣٣٦).
(٨) مدارج السالكين (١/ ٢٧٢)، مجموع الفتاوى (٢/ ٤٥٨)، (٦/ ٣٠٨) (١٠/ ١٥٨). وانظر تفسير قول الشيخ "نازعت أقدار الحق. . . " في =