للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرفًا، فإنَّ المصائب لازمة للعبد لا محيدَ له عنها, ولا يمكن دفعها وحملها (١) بمثل المحبة. وهكذا مصائب الموت وما بعده (٢) إنَّما تسهل وتهون بالمحبة. وكذلك مصائب يوم القيامة، وأعظم المصائب مصيبة النار، ولا يدفعها إلا محبَّة اللَّه وحده، ومتابعة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فالمحبَّة أصل كلّ خيرِ في الدنيا والآخرة، كما قال سَمنون (٣): ذهب المحبّون للَّه بشرف الدنيا والآخرة، فإنَّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المرءُ مع من أحبّ" (٤)، فهم مع اللَّه تعالى.

وقوله: "وهي في طريق العوامّ عمدة الإيمان" كلام قاصر، فإنَّها عمود الإيمان وعمدته وساقه الذي لا يقوم إلا عليه، فلا إيمان بدونها البتة، وإنَّما مراده أنَّ (٥) هذه المحبة الخاصة التي تنشأ من رؤية النعم هي عمدة إيمان العوامّ، وأمَّا الخواصّ فعمدة إيمانهم محبة تنشأ من معرفة الكمال ومطالعة الأسماء والصفات (٦).

فصل

قال أبو العباس (٧): "وأمَّا محبَّة الخواصّ فهي محبة خاطفة: تقطع


(١) "وحملها" ساقط من "ك، ط".
(٢) "ك، ط": "بعدها".
(٣) من أصحاب السري السقطي. ترجمته في طبقات الصوفية (١٩٣) وحلية الأولياء (١٠/ ٣٢٩). ونقل المصنف قوله في روضة المحبين (٥٥٣).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الأدب (٦١٦٨)، ومسلم في البر والصلة (٢٦٤٠) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٥) "أنَّ" ساقط من "ك، ط".
(٦) زاد في "ك، ط": "واللَّه أعلم".
(٧) محاسن المجالس (٩١ - ٩٢).