للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاختيار. ويرجع حاصل (١) الكلام في هذه المسألة إلى مسألة القدم والحدوث".

قلتُ: لمَّا لم يكن عند الرَّازي إلا مذهبُ الفلاسفة المشائين القائلين بالموجِب بالذات، أومذهب القدرية المعتزلة (٢) القائلين بوجوب رعاية الصلاح أو الأصلح، أو مذهبُ الجبرية نفاة الأسباب والعلل والحِكَم؛ وكان الحقُّ عنده مترددًا بين هذه المذاهب الثلاثة، فتارةً يرجح مذهبَ المتكلمين، وتارةً مذهب المشائين، وتارةً يلقي الحرب بين الطائفتين ويقف في النظارة، وتارةً يتردد بين (٣) الطائفتين؛ وانتهى إلى هذا المضيق ورأى أنَّه لا خلاص له منه إلا بالتزام طريقِ الجبرية -وهي غير مرضية (٤) عنده، وإن كان في كتبه الكلامية يعتمد عليها ويرجع في مباحثه إليها- أو طريقِ (٥) المعتزلة القائلين برعاية الصلاح وهي متناقضة غير مطردة = لم يجد بدًّا من تحيزه إلى أعداءِ الملَّة القائلين بأنَّ اللَّه لا قدرة له ولا مشيئة ولا اختيار ولا فعل يقوم به، ومعلومٌ أنَّ هذه المذاهب بأسرها باطلة متناقضة، وإن كان بعضها أبطل من بعض. وإنَّما ألجأه إلى التزام القول بإنكار الفاعل المختار في هذا المقام تسليمُه لهم الأصول الفاسدة والقواعد الباطلة التي قادت إلى التزام بعض أنواع الباطل.


(١) "حاصل" ساقط من "ط".
(٢) "القائلين بالموجب. . . " إلى هنا ساقط من "ط".
(٣) "هذه المذاهب .. . . " إلى هنا ساقط من "ب".
(٤) "ب": "وهي مرضية"، خطأ.
(٥) "ك، ط": "وطريق".