للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القسم لكان يلزم من عدمها (١) عدم عللها الموجبة لها، وهي خيرات محضة، فيلزم من عدمها عدم الخيرات المحضة، وذلك شر محض، فإذن لا بدَّ من وجود هذا القسم.

فإن قيل (٢): فَلِمَ لم يخلق الخالق هذه الأشياء عريَّة عن (٣) كلِّ الشرور؟ فنقول: لأنَّه لو جعلها كذلك لكان هذا هو القسم الأوَّل، وذلك مما قد فرغ منه.

وبقيَ في العقل قسم آخر وهو الذي يكون خيره غالبًا على شرِّه. وقد بينَّا أنَّ الأولى بهذا القسم أن يكون موجودًا".

قال: "وهذا الجواب لا يعجبني لأنَّ لقائل أن يقول: إنَّ جميع هذه الخيرات والشرور إنَّما توجد باختيار اللَّه تعالى وإرادته، مثلًا الاحتراق (٤) الحاصل عقيب النار ليس موجَبًا عن (٥) النار، بل اللَّه تعالى اختار خلقه عقيب مماسَّة النار، وإذا كان حصول الاحتراق عقيبَ مماسة النار (٦) باختيار اللَّه وإرادته فكان (٧) يمكنه أن يختار خلقَ الإحراق عندما يكون خيرًا ولا يختار خلقه عندما يكون شرًّا. ولا خلاص عن هذه المطالبة إلا ببيان كونه سبحانه وتعالى فاعلًا بالذات، لا بالقصد


(١) "عدمها" سقط من "ط"، فاستدرك في القطرية.
(٢) نقل المؤلِّف كلام الرَّازي من هنا إلى آخره في شفاء العليل (٢٩٠) أيضًا وعقب عليه.
(٣) "ف": "من" خلاف الأصل.
(٤) "ب": "الإحراق".
(٥) "ك، ط": "من".
(٦) "وإذا كان. . " إلى هنا ساقط من "ب".
(٧) "ف، ب": " وكان".