للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تائيته: (١)

ويُدعَى خصومُ اللَّه يومَ معادِهم ... إلى النَّارِ طُرًّا فرقةُ القدريةِ

سواءٌ نفَوه أو سعَوا لِيخاصِمُوا ... به اللَّهَ أو مارَوا به للشريعةِ (٢)

وسمعته يقول: القدرية المذمومون في السنة، وعلى لسان السلف هم هؤلاء الفرق الثلاثة (٣): نفاته، وهم القدرية المجوسية. والمعارضون به للشريعة الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام/ ١٤٨] وهم القدرية المشركية (٤). والمخاصمون به للربِّ، وهم أعداءُ اللَّه وخصومه، وهم القدرية الإبليسية، وشيخهم إبليس، وهو أوَّل من احتجَّ على اللَّه بالقدر فقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الأعراف/ ١٦] ولم يعترف بالذنب وَيُبؤْ به، كما اعترف به آدم. فمن أقرَّ بالذنب، وباءَ به، ونزِّه ربَّه، فقد أشبه أباه آدم، ومن أشبه أباه فما ظلم (٥). ومن برَّأ نفسَه واحتجَّ على ربِّه بالقدر فقد أشبَه إبليس (٦).

ولا ريبَ أنَّ هؤلاء القدريِّة الإبليسية والمشركية (٧) شرٌّ من القدريَّة


(١) وهي التي ردَّ بها على أبيات "الذمي" التي سبق ذكرها في ص (١٧٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٢٤٦).
(٣) "ط": "الثلاث". والذي في الأصل وغيره صحيح لا غبار عليه.
(٤) "ط": "الشركية". والصواب ما في الأصل وغيره. وسماهم "المشركية" لكونهم قد تشبهوا بالمشركين في قولهم. انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ١١١)، (٨/ ٢٥٦).
(٥) انظر: المثل في مجمع الأمثال (٣/ ٣١٢).
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٢٥٦ - ٢٦١).
(٧) "ط": "الشركية" هنا وفيما يأتي، تحريف. وانظر ما سلف آنفًا في الحاشية الرابعة.