للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحده هو الذاكر لنفسه، الموحّد لنفسه، المحبّ لنفسه؛ وأنَّ هذه الأسباب والرسوم تصير عدمًا صِرفًا (١) في شهوده، وإن لم تفنَ وتُعدَمْ في الخارج -وهذا هو مراد القوم- فدعوى أنَّ هذا هو الكمال الذي لا كمال فوقه ولا غاية وراءَه دعوى مجرَّدةٌ لا يستدِل عليها مدعيها بأكثر من الذوق والوجد. وقد تقدَّم أنَّ هذا ليس بغاية، وإنَّما غايته أن يكون من عوارض الطريق، وأنَّ شهود الأشياءِ في مراتبها ومنازلها التي أنزلها اللَّه (٢) سبحانه إياها أكمل وأتم.

ويكفي في نقض (٣) هذا الاحتجاجُ عليه بصفات الكفَّار، فإنَّ اللَّه تعالى ذمهم بأنَّهم صمّ بكم عمي، فهذه صفات نقص وذمّ، لا صفات كمال ومدحة. وهل الكمال إلا في حضور السمع والبصر والعقل (٤)، وكمال التمييز، وتنزيل الخلق والأمر منازلهما، والتفريق بين ما فرَّق اللَّه بينه؟ فالأمر كله فرقان وتمييز وتبيين، وكلَّما (٥) كان تمييز العبد وفرقانه (٦) أتمّ، كان حاله أكملَ، وسيره أصحّ، وطريقه أقوم وأقرب. والحمد للَّه ربِّ العالمين.


(١) "صرفًا": ساقط من "ط".
(٢) سقط لفظ الجلالة من "ك، ط".
(٣) "ب, ك، ط": "بعض"، تصحيف.
(٤) "ف": "القول" وهو يشبه رسم الكلمة في الأصل.
(٥) "ك، ط": "فكلما".
(٦) "ف": "فرقان العبد وتمييزه"، خلاف الأصل.