للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأثنى به على خاصَّة عباده وأقربهم إليه -وهم أنبياؤه ورسلُه وملائكتُه- يُجعل ناقصًا من منازل العوامّ، ويُعمَد إلى معنًى لم يذكره اللَّه ولا رسوله، ولا عُلِّق به المدحُ (١) والثناءُ في موضع واحد، فيُجعَل هو الكمال، وهو للخواصّ من العباد! فأين في القرآن والسنَّة ذكرُ الهيبة والأمرُ بها ووصفُ خاصَّته بها؟ ونحن لا ننكر أنَّ الهيبة من لوازم الإيمان وموجباته، ولكنَّ المنكَر أن يكون الوصفُ الذي وصف به أنبياءَه وملائكته ناقصًا، والوصف الذي لم يذكره هو الكامل التامّ!

وهذا المعنى المعبَّر عنه بالهيبة حقٌّ، ولكن لم تجئ العبارة عنه في القرآن والسنَّة بلفظ "الهيبة"، وإنَّما جاءت بلفظ "الإجلال" كقول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من إجلال اللَّه إجلالَ ذي الشيبة المسلم، وحاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، والإمام العادل" (٢). فالإجلال هو التعظيم، وكذلك الهيبة. يوضح هذا:

الوجه التاسع: وهو أنَّ الهيبة والإجلال يجوز تعلُّقها (٣) بالمخلوق، كما قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ من إجلال اللَّه إجلالَ ذي الشيبة المسلم" الحديث. وقال ابن عباس عن عمر: "هِبْتُه وكان مَهيبًا" (٤). وأمَّا الخشية


(١) "ط": "على المدح"، خطأ.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٨٤٣)، والبيهقي في سننه (٨/ ١٦٢)، والمدخل (٦٦٢) وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري. وجاءَ موقوفًا وهو الصواب. أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣٨٨ - زوائد المروزي) وابن أبي شيبة (٢١٩١٦)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٥٧) وغيرهم، وهو مع وقفه فيه أبو كنانة تابعي مجهول. (ز).
(٣) "ط": "تعلّقهما".
(٤) أخرجه البخاري (٤٦٢٩)، ومسلم (١٤٧٩) بلفظ: "مكثت سنة أريد أن أسأل =