للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زهد الخاصّة]

قوله: "وإنّما زهدُهم (١): جمعُ الهمة عن تفريقات (٢) الكون؛ لأنَّ الحقَّ عافاهم بنور الكشف عن التعلّق بالأحوال".

فيقال: الكشف الذي أوجب لهم هذا الجمع وقطعَ هذا التعلّق هو الكشف الإيماني القرآني. فهو في الحقيقة الكشف النافع الجاذب لصاحبه إلى سلوك منازل الأبرار والوصول إلى مقام (٣) القرب، ولا سيّما إذا قارنه الكشف عن عيوب النفس وعلل الأعمال (٤)، فناهيك به من كشف! والكرامة المرتّبة عليه هي لزوم الاستقامة ودوام العبودية، فهذا أفضل كشفٍ يُعطاه العبد، وهذه أفضل كرامة يُكرَم بها الوليّ. رزقنا (٥) اللَّه من فضله وبرّه.

وأمَّا استشهاده بقوله تعالى: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)} [ص/ ٤٦] فهذه الآية يخبر فيها سبحانه عمَّا أخلص له أنبياءه ورُسُله من اختصاصهم بالآخرة. وفيها قولان: أحدهما أنَّ المعنى: نزعنا من قلوبهم حبَّ الدنيا وذكرَها وإيثارَها والعملَ بها. والقول الثاني: إنَّا أخلصناهم بأفضل ما في الدار الآخرة، واختصصناهم به عن العالمين.


(١) ضبط في "ف، ب": "زهَّدهم"، وهو خطأ.
(٢) "ط": "تعريفات"، تحريف.
(٣) "ب، ك، ط": "مقامات". وكذا كتب في الأصل أولًا، ثم ضرب عليه وكتب "مقام".
(٤) "ط": "على الأعمال" تحريف.
(٥) "ف": "ورزقنا"، خلاف الأصل.