للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقبل على إراداته (١) وراحاته وشهواته ولذّاته، وقع في آبار (٢) المعاطب، وأودع قلبَه سجونَ المضايق، وعُذِّب في حياته عذابًا لم يعذَّبْه (٣) أحدٌ من العالمين. فحياته عجز وغمّ وحزن، وموته كمد (٤) وحسرة، ومعاده أسف وندامة. قد فرط عليه أمرُه، وشُتِّت عليه شملُه، وأحضِرتْ (٥) نفسُه الغمومَ والأحزان. فلا لذّة الجاهلين، ولا راحة العارفين (٦). يستغيث فلا يُغاث، ويشتكي فلا يُشكَى. قد (٧) ترحّلت أفراحُه وسروره مدبرةً، وأقبلت آلامُه وأحزانُه وحسراته مقبلةً (٨). قد (٩) أبدل بأُنسه وحشةً، وبعزّه ذلًّا، وبغناه فقرًا، وبجمعيته تشتّتًا (١٠).

وأبعدوه فلم يظفَرْ بقربهِمُ ... وأبدلوه مكانَ الأنسِ إيحاشا (١١)

ذلك بأنّه عرف طريقه إلى اللَّه، ثمّ تركها ناكبًا عنها مكِبًّا (١٢) على


(١) "ك، ط": "إرادته".
(٢) "ب، ك، ط": "آثار"، تصحيف.
(٣) كذا في الأصل و"ف" وهو صواب محض، وفي غيرهما: "لم يعذب به".
(٤) "ك، ط": "كدر"، تحريف.
(٥) "ط": "أحضر".
(٦) "ف": "الغافلين"، خلاف الأصل.
(٧) "ط": "فقد".
(٨) "مقبلة" سقط من "ب، ك، ط". ولعله حذف لأجل الفعل "أقبلت".
(٩) "ط": "فقد".
(١٠) "ط": " تشتيتًا".
(١١) أثبت البيت في "ط" منثورًا. وهو من ثلاثة أبيات ذكرها المؤلف في بدائع الفوائد (٣/ ٨٤٧). وهي من قصيدة في ديوان الحلَّاج (٥٠) مع خلاف في الرواية. وفي "ب": "فكان الأنس"، تحريف.
(١٢) "مكبًّا" ساقط من "ك". وفي "ب": "منكبًّا".