للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسك" (١).

فلا يحصي أحد من خلقه ثناءً عليه البتة، وله أسماء وأوصاف وحمد وثناءٌ (٢) لا يعلمه ملَك مقرَّب، ولا نبي مرسَل. ونسبة ما يعلم العبادُ من ذلك إلى ما لا يعلمونه كنَقْرَةِ عصفورٍ في بحر.

فإن قيل: فكيف تصنعون بما يشاهد من أنواع الابتلاء والامتحان والآلام للأطفال والحيوانات ومن هو خارج عن التكليف ومن لا ثواب ولا عقاب عليه؟ وما تقولون في الأسماء الدَّالّة على ذلك من المنتقم والقابض والخافض ونحوها؟

قيل: قد تقدَّم من الكلام في ذلك ما يكفي بعضه لذي الفطرة السليمة والعقل المستقيم. وأمَّا من فسدت فطرته، وانتكس قلبه، وضعفت بصيرة عقله، فلو ضُرب له من الأمثال ما ضُرب فإنَّه لا يزيده إلا عمًى وتحيرًا. ونحن نزيد ما تقدم إيضاحًا وبيانًا، إذ بسطُ هذا المقام (٣) أولى من اختصاره، فنقول:

قد علمتَ أنَّ جميع أسماءِ الربِّ جلَّ جلاله حسنى، وصفاته كمال، وأفعاله حكمة ومصلحة؛ وله كل ثناءٍ وكلُّ حمدٍ ومدحة (٤)، وكلُّ خير فمنه وله وبيده (٥)، والشرُّ ليس إليه بوجه من الوجوه: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في أسمائه. وإن كان في مفعولاته


(١) تقدم تخريجه في ص (٥٦).
(٢) "ب": "ثناء وحمد وأسماء وأوصاف".
(٣) "ب": "بسط الكلام في هذا المقام".
(٤) "ب": "وكل مدحة وكل حمد".
(٥) "ب": "وله وبه وبيده".