للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة، فلا يزال يذكر اللَّه على فراشه حتَّى يغلبه النوم وهو يذكر اللَّه. فهذا منامُه عبادةٌ، وزيادةٌ له في قربه من اللَّه. فإذا استيقظ عاد إلى عَدَّانه الأوَّل (١). ومع هذا فهو قائمٌ بحقوق العباد من عيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وإجابة الدعوة، والمعاونة لهم بالجاه (٢) والبدن والنفس والمال، وزيارتهم، وتفقّدهم؛ وقائمٌ بحقوق أهله وعياله. فهو متنقّلٌ في منازل العبوديّة كيف نقله فيها الأمرُ. فإذا وقع منه تفريط في حقٍّ من حقوق اللَّه بادر إلى الاعتذارِ والتوبة والاستغفار، ومحوه ومداواته بعمل صالح يُزيل أثرَه. فهذا وظيفته دائمًا.

وأمَّا السابقون المقرَّبون، فنستغفر اللَّه الذي لا إله إلا هو أوَّلًا من وصف حالهم وعدم الاتّصاف به، بل ما شمِمنا له رائحةً، ولكن محبّة القوم (٣) تحمل على تعرّف منزلتهم والعلم بها. وإن كانت النفوس متخلفةً (٤) منقطعةَ عن اللحاق بهم، ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة:

منها أن لا يزالُ المتخلّف المسكين مُزْرِيًا على نفسه، ذامًّا لها، لائمًا لها (٥).

ومنها أنَّه (٦) لا يزالُ منكسرَ القلب بين يدي ربّه، ذليلًا له حقيرًا،


(١) أي إلى عهده الأوَّل. وقد سبقت هذه الكلمة في ص (٤٠٧). وفي "ب، ك، ط": "عادته الأولى".
(٢) "ب": "بالجاه والمال والبدن والنفس".
(٣) "ف": "العلم"، وهو سهو وخلاف الأصل. وكذا في "ك"، فكتب أحد في الحاشية: "ظ بالقوم"، يعني العلم بالقوم. والصواب ما أثبتنا من الأصل وكذا في "ب، ط".
(٤) "ب": "مختلفة"، تحريف.
(٥) "لائمًا لها" ساقط من "ب، ك، ط".
(٦) "ب، ك، ط": "أن".