للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإلهيته ومحبّته، والصبر به متعلق بربوبيته ومشيئته. وما له (١) أكملُ ممَّا به، فإنَّ ما له هو الغاية، وما به هو الوسيلة، فالصبر به وسيلة، والصبر له غاية، وبينهما من التفاوت ما بين الغايات والوسائل.

وأيضًا فإنَّ الصبر له متعلق بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، والصبر به متعلّق بقوله (٢): {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}. وهاتان الكلمتان منقسمتان بين العبد وبين اللَّه، كما ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يروي عن ربه. و"إياك نعبد" هي التي للَّه، "وإياك نستعين" هي التي للعبد (٣)؛ وما للَّه أكمل ممَّا للعبد، فما تعلّق بما هو له أفضل مما تعلق بما هو للعبد.

وأيضًا فالصبر له مصدره المحبة، والصبر به مصدره الاستعانة، والمحبّة أكمل من الاستعانة.

وأمَّا الصبر على اللَّه سبحانه فهو الصبر على أحكامه الدينية والكونية. فهو يرجع إلى الصبر (٤) على أوامره، والصبر على ابتلائه، فليس في الحقيقة قسمًا ثالثًا (٥)، واللَّه أعلم.

فقد تبيّن أنَّ الصبر بجميع أقسامه أصل مقامات الإيمان، وهو أصل كمال العبد (٦) الذي لا كمال له بدونه. ولا يذَمّ منه إلا قسم واحد، وهو


(١) "ط": "وما هو له" وكذلك في الجمل اللاحقة زيد فيها "هو" بعد "ما".
(٢) "والصبر به متعلق بقوله" ساقط من "ب، ط".
(٣) نص الحديث في صحيح مسلم، كتاب الصلاة (٣٩٥) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) "ف": "التصبر".
(٥) "ب": "قسم ثالث".
(٦) "ك، ط": "لكمال العبد".