للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس، ووقف على أقوال الطوائف في هذا الباب، وانتهى إلى غاية مرامهم (١) ونهاية إقدامهم. واللَّه سبحانه الموفّق للسَّداد، الهادي إلى الرشاد.

وأمَّا من لم يُثبِت حكمةً ولا تعليلًا، وردّ الأمر إلى محض المشيئة التي ترجحَ أحد المثلين على الآخر بلا مرجّح، فقد أراح نفسه من هذا المقام الضنك واقتحام عقبات هذه المسائل العظيمة، وأدخلها كلَّها تحت قوله: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء/ ٢٣] وهو الفعَّال لما يريد. وصدق اللَّه وهو أصدق القائلين: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} لكمال حكمته وعلمه ووضعه الأشياء مواضعها، وأنَّه ليس في أفعاله خلل ولا عبث ولا فساد يُسأل عنه كما يُسال المخلوق. وهو الفعَّال لما يريد، ولكن لا يريد أن يفعل إلا ما هو خير ومصلحة ورحمة وحكمة. فلا يفعل الشر ولا الفساد ولا الجور ولا خلاف مقتضى حكمته، لكمال أسمائه وصفاته، وهو الغني الحميد، العليم الحكيم.

فصل

الطبقة الثامنة عشرة (٢): طبقة الجنّ. وقد اتفق المسلمون على أنَّ منهم المؤمن والكافر والبرّ والفاجر. قال تعالى إخبارًا عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١)} [الجن/ ١١] قال مجاهد: يعنُون: مسلمين وكافرين (٣). وقال الحسن والسدّي: أمثالكم، فمنهم


(١) "ك، ط": "مراتبهم" تحريف.
(٢) في الأصل وغيره: "عشر". والمثبت من "ط".
(٣) تفسير الطبري (٢٩/ ١١٢)، معالم التنزيل (٨/ ٢٤٠).