للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أبي رِزْمة، حدثنا الفضل بن موسى القطيعي، عن أبي العنبَس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيَتَمَنَّينَّ أقوامٌ أنَّهم أكثروا من السيّئات". قيل: مَن هم؟ قال: "الذين بدّل اللَّهُ (١) سيّئاتِهم حسناتٍ" (٢).

قالوا: وهؤلاء هم الأبدال في الحقيقة، فإنَّهم إنَّما سُمُّوا "أبدالًا" لأنهم بدَّلوا أعمالهم السيّئة بالأعمال الحسنة، فبدَّل اللَّهُ سيّئاتِهم التي عملوها حسناتٍ.

قالوا: وأيضًا فالجزاءُ من جنس العمل، فكما بدَّلوا هم أعمالهم السيئة بالحسنة، بدَّلها اللَّهُ من (٣) صُحُفِ الحَفَظة حسناتٍ جزاءً وفاقًا.

قالت الطائفة الأولى: كيف يمكنكم الاحتجاجُ بحديث أبي ذرّ على صحّة قولكم، وهو صريح في أنَّ هذا الذي قد بُدِّلت سيّئاته حسنات قد عُذِّبَ عليها في النَّار حتَّى كان آخرَ أهلها خروجًا منها؟ فهذا قد عوقب على سيّئاته، فزال أثرُها بالعقوبة، فبُدِّل مكانَ كلّ سيّئة منها حسنةً. وهذا حكمُ غير (٤) ما نحن فيه، فإنَّ الكلام في التائب من السيّئات، لا فيمن مات مصرًّا عليها غيرَ تائب منها (٥)، فأين أحدهما من الآخر؟


(١) لفظ الجلالة ساقط من "ط".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٥٤٢٩)، والحاكم (٤/ ٢٥٢) وقال: "أبو العنبس هذا سعيد بن كثير وإسناده صحيح ولم يخرجاه". وأبو العنبس ثقة، لكن فيه كثير بن عبيد والد أبي العنبس، رضيع عائشة، تابعي سمع عائشة وروى عنه جماعة. وذكره ابن حبان في الثقات، ولا يبعد سماعه من أبي هريرة. (ز).
(٣) "ف": "في"، خلاف الأصل.
(٤) "ب": "على غير".
(٥) "منها" ساقط من "ب، ك، ط".