للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غايةَ الاستحسان، وقال: إنَّه شفى بهذه الكلمة وأفصح بها عن حقيقة القدر (١).

ولهذا كان المنكرون للقدر فرقتين: فرقة كذَّبت بالعلم السابق ونفَتْه، وهم غلاتهم الذين كفِّرهم السلف والأئمة وتبرأ منهم الصحابة. وفرقة جحدت كمال القدرة، وأنكرت أن تكون أفعال العباد مقدورةً للَّه تعالى، وصرَّحت بأنَّ اللَّه لا يقدر عليها. فأنكر هؤلاء كمالَ قدرة الرب تعالى، وأنكرت الأخرى كمالَ علمه. وقابلتهم الجبرية، فحافظت (٢) على إثبات القدرة والعلم، وأنكرت الحكمة والرحمة.

ولهذا كان مصدر الخلق والأمر والقضاء والشرع عن علم الرب وعزته وحكمته، ولهذا يقرن تعالى بين الاسمين والصفتين (٣) من هذه الثلاث (٤) كثيرًا كقوله: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦)} [النمل/ ٦]، وقال: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} [الزمر/ ١]. وقال: {حمَ} [غافر/ ١ - ٢].

وقال في حم فصلت (٥) بعد ذكر تخليق العالم: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)} [فصلت/ ١٢]. وذكر نظير هذا في الأنعام، فقال: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ


(١) وانظر شفاء العليل (٦٣).
(٢) "ط": "فجاءت".
(٣) "والصفتين" ساقط من القطرية.
(٤) "ك، ط": "الثلاثة". وانظر في افتران الأسماء المذكورة ما سيأتي في ص (٢٣٠).
(٥) "فصلت" ساقط من القطربة.