للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

المثال الرَّابع (١): الصبر.

قال أبو العباس: "وهو من منازل العوامّ أيضًا؛ لأنَّ الصبر حبسُ النفسِ على المكروه، وعقلُ اللسان عن شكوى (٢)، ومكابدةُ الغصص في تحمّله، وانتظارُ الفرج عند عاقبته. وهذا في طريق الخاصَّة تجلّد ومناوأة (٣) وجرأة ومنازعة. فإنَّ حاصلَه يرجع إلى كتمان الشكوى في تحمل الأذى بالبلوى. والحقيقةُ (٤): الخروجُ عن الشكوى بالتلذّذ بالبلوى، والاستبشارُ باختيار المولى. وقيل: إنَّه على ثلاث مقامات مرتّبة بعضُها فوق بعض:

فالأوَّل: التصبّر. وهو تحمُّل مشقَّةٍ، وتجرُّع غصّةٍ في الثبات (٥) على ما يجري من الحكم. وهذا هو التصبّر للَّه، وهو صبر العوامّ.

والثاني: الصبر، وهو نوعُ سهولةٍ تُخفِّف على (٦) المبتلى بعضَ الثقل، وتسهّل عليه صعوبةَ المراد. وهو الصبر للَّه (٧)، وهو صبر


(١) في الأصل وغيره: "الخامس"، وهو خطأ تقدّم التنبيه عليه في أول الفصل السابق (٥٥٥).
(٢) محاسن المجالس: "شكواه".
(٣) في المجالس: "مقاومة"، وذكر المحقق أنّ في نسخة: "مغاواة"، ولعلّ صوابها: "مقاواة".
(٤) "ط": "وتحقيقه".
(٥) "ط": "والثبات".
(٦) في "ب" والقطرية: "عن".
(٧) في المجالس: "الصبر باللَّه".