للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦)} [النمل/ ٦]، فإنَّ العزَّة تتضمَّن القوَّة، وللَّه القوَّة جميعًا.

يقال: عزَّ يعَزّ -بفتح العين- إذا اشتدَّ وقوي، ومنه الأرض العَزاز للصلبة (١) الشديدة؛ وعزَّ يعِزّ -بكسر العين- إذا امتنع ممن يرومه، وعزَّ يعُز -بضم العين- إذا غلب وقهر. فأعطوا أقوى الحركات -وهي الضمة- لأقوى المعاني وهو الغلبة والقهر للغير، وأضعفَها -وهي الفتحة- لأضعف هذه المعاني وهو كون الشيء في نفسه صلبًا، ولا يلزمُ من ذلك أن يمتنع عمَّن يرومه؛ والحركة المتوسطة -وهي الكسرة- للمعنى المتوسط وهو القوي الممتنع عن غيره، ولا يلزمُ منه أن يقهر غيرَه ويغلبه. فأعطوا الأقوى للأقوى، والأضعف للأضعف، والمتوسط للمتوسط (٢).

ولا ريبَ أنَّ قهر المريد (٣) عمَّا يريده من أقوى أوصاف القادر، فإنَّ قهرَه عن إرادته وجعله غيرَ مريد كان أقوى أنواع القهر، والعز ضد الذل، والذل أصله الضعف والعجز، فالعز يقتضي كمال القدرة والعزَّة (٤)، ولهذا يوصف به المؤمن، ولا يكون ذمًّا له، بخلاف الكبر. قال رجلٌ للحسن البصري: إنَّك متكبر. فقال: "لستُ بمتكبر، ولكنِّي عزيز".


(١) "ك، ط": "الصلبة".
(٢) انظر نحو هذا الكلام على "عز" في جلاء الأفهام: (١٤٧) ومدارج السالكين (٣/ ٢٣٨) ويظهر من سياقه في جلاء الأفهام أنَّه أفاد ذلك من شيخ الإسلام وانظر: منهاج السنة (٣/ ٣٢٥) والفتاوى (١٤/ ١٨٠).
(٣) "ط": "المربوب"، تحريف.
(٤) "العزّة" ساقطة من "ك، ط".