للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (١) [البقرة/ ٧٤]، وبقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف/ ٧٧]. وهذه مسألة كبيرة تحتاج إلى كلامٍ لا يليق بهذا الوضع.

والمقصود أنَّ العلم والقدرة المجردين عن الحكمة لا يحصل بهما الكمال والصلاح، وإنَّما يحصل ذلك بالحكمة معهما. واسمه سبحانه "الحكيم" يتضمن حكمته في خلقه وأمره في إرادته الدينية والكونية، وهو حكيم في كلِّ ما خلقه، حكيمٌ في كلِّ ما (٢) أمر به.

والنَّاس في هذا المقام أربع طوائف:

الطائفة الأُولى: الجاحدة لقدرته وحكمته، فلا يثبتون له تعالى قدرة ولا حكمة، كما يقوله من ينفي كونه تعالى فاعلًا مختارًا، وأن صدور العالم عنه بالإيجاب الذاتي لا بالقدرة والاختيار. وهؤلاء يثبتون حكمة يسمونها "عناية إلهية". وهم من أشد النَّاس تناقضًا، إذْ لا يُعقَل حكيمٌ لا قدرة له ولا اختيار، وإنَّما يسمون ما في العالم من المصالح والمنافع "عناية إلهية" من غير أن يرجع منها إلى الرب تعالى إرادة ولا حكمة.

وهؤلاءِ كما أنَّهم مكذبون لجميع الرسل والكتب، فهم مخالفون لصريح العقل والفطرة، قد نسبوا الرب تعالى إلى أعظم (٣) النقص،


(١) وردت الآية في الأصل هكذا: "وإنّ من الحجارة لما يشقق. . . " فسقط جزء منها، وكذا في "ف، ن".
(٢) "ك": "خلقه وما أمر به". "ط": "خلقه وأمر به".
(٣) "ط": "للربّ سبحانه أعظم"، وصحّح في القطرية.