للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عصيتم، فكيف لو رُسُلي أتتكم" (١). تابعه الحسن بن موسى عن فضيل. ورواه أَبو نعيم عن فضيل بن مرزوق فوقفه (٢). فهذا وإن كان فيه عطية فهو ممن يعتبر بحديثه ويستشهد به، وإن لم يكن حجة. وأمَّا الوقف فقد تقدم نظيره في (٣) حديث أبي هريرة.

فهذه الأحاديث يشدّ بعضها بعضًا، ويشهد لها أصول الشرع وقواعده. والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنّة، نقله عنهم الأشعري رحمه اللَّه في "المقالات" وغيرها (٤).

فإن قيل: قد أنكر ابن عبد البرّ هذه الأحاديث وقال: أهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب، لأنّ الآخرة ليست دار عمل ولا ابتلاء. وكيف يكلَّفون دخولَ النار، وليس ذلك في وسع المخلوقين، واللَّه لا يكلّف نفسًا إلَّا وسعها (٥)؟

فالجواب من وجوه (٦):

أحدها: أنّ أهل العلم لم يتفقوا على إنكارها، بل ولا أكثرهم. وإن


(١) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٢٧)، وابن الجعد في مسنده (٢٠٣٨)، والبزار كما في كشف الأستار (٢١٧٦) من حديث أبي سعيد. قال الهيثمي في المجمع: "رواه البزار، وفيه عطية، وهو ضعيف".
(٢) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٢٨).
(٣) "ك، ط": "من".
(٤) انظر: مقالات الإسلاميين (٢٩٦)، والإبانة (٣٣).
(٥) الاستذكار (٣/ ١١٤). وقد صرّح بالنقل عنه في أحكام أهل الذمة (٦٥٤). وانظر: التمهيد (١٨/ ١٣٠).
(٦) اقتصر المؤلف هنا على تسعة وجوه، وذكر في أحكام أهل الذمة (٦٥٤ - ٦٥٦/ ٥) تسعة عشر وجهًا.