للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيد عدمُ النفوذ (١)، وذلك مؤخّر مخلّف.

وإذا عَرَفَ العبدُ هذا وانكشف له علمُه تعيَّن عليه الزهدُ في الأحوال والفقرُ منها، كما تعين عليه الزهدُ في المال والشرف وخلوُّ قلبه منهما. وكما (٢) كان موجَبُ الدرجة الأولى من الفقرِ الرجوعَ إلى الآخرة، فأوجب الاستغراقُ في همَّ الآخرة نفضَ اليدين من الدنيا ضبطًا أو طلبًا، وإسكات اللسان عنها مدحًا أو ذمًّا؛ فكذلك (٣) كان موجَبُ هذه الدرجة الثانية الرجوعَ إلى فضل اللَّه عزَّ وجلَّ، ومطالعة سبقه للأسباب (٤) والوسائط. فبفضل اللَّه وبرحمته (٥) وُجِدتْ منهم (٦) الأحوال (٧) الشريفة، والمقامات العلية، وبفضله ورحمته وصلوا إلى رضاه ورحمته وقربه وكرامته وموالاته.

وكان سبحانه هو الأوَّل في ذلك كلّه، كما أنَّهُ الأوَّل في كلِّ شيء؛ وكان هو الآخر في ذلك، كما هو الآخر في كل شيء. فمن عبده باسمه الأوَّل الآخر (٨) حصل (٩) له حقيقة هذا الفقر، فإن انضاف إلى ذلك


(١) سيأتي تفسير "النفوذ" في ص (٣٨٨ - ٣٨٩).
(٢) في الأصل وغيره: "لما"، والصواب ما أثبتنا.
(٣) "ط": "وكذلك".
(٤) "ك، ط": "الأسباب".
(٥) "ك، ط": "ورحمته".
(٦) "ك، ط": "منه".
(٧) "ك، ط": "الأقوال"، تحريف.
(٨) "ن، ك، ط": "والآخر".
(٩) "ك، ط": "حصلت".