للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتصديق بأنَّها كلام اللَّه، بل الزائدة على نفس فهمها ومعرفة المراد منها. بلَ (١) ثَمَّ شأن آخر لو فطن له العبد لعلِمَ أنَّه كان قبلُ يلعب، كما قيل:

وكنتُ أرى أن قد تناهَى بيَ الهوى ... إلى غايةٍ ما بعدَها ليَ مذهبُ

فلَمَّا تلاقَينا وعايَنْتُ حسنَها ... تيفَّنتُ أنِّي إنَّما كنتُ ألعبُ (٢)

فواأسفاه! وواحسرتاه! كيف ينقضي الزمان، وينفد العمر، والقلب محجوب ما شمّ لهذا رائحة! خرج (٣) من الدنيا كما دخل إليها (٤)، وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها انتقال المفاليس، فكانت حياته عجزًا، وموته كمدًا، ومعاده حسرةً وأسفًا!

اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بك.

فصل

فإذا صلَّى ما كتب اللَّه (٥) جلس مطرقًا بين يدي ربِّه تعالى هيبةً له وإجلالًا، واستغفره استغفارَ من قد تيقن أنَّه هالك إن لم يغفر له


(١) "بل" ساقط من "ب، ك، ط".
(٢) "ب": "علمت يقينًا أنني كنت ألعب". وقد ذكر المصنف البيتين في مفتاح دار السعادة (١/ ٣٦٣) ومدارج السالكين (١/ ٥٩٢). وأنشدهما مع بيت ثالث أبو بكر محمد بن داود الظاهري في كتاب الزهرة (٢٧٤) "لبعض أهل هذا العصر".
(٣) "ب، ك، ط": "وخرج".
(٤) "ب": "فيها".
(٥) زاد في "ب": "له".