للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرحمه. فإذا قضى من الاستغفار وطرًا، وكان عليه بعدُ ليلٌ اضطجع على شقّه الأيمن مُجِمًّا نفسَه، مريحًا لها، مقوِّيًا لها (١) على أداء وظيفة الفرض، فيستقبله نشيطًا بجده وهمته كأنِّه لم يزل نائمًا طول ليلته لم يعمل شيئًا. فهو يريد أن يستدرك ما فاته في صلاة الفجر، فيصلِّي السنة، ويبتهل بينها وبين الفريضة، فإنَّ لذلك الوقت شأنًا (٢) يعرفه من عرفه. ويكثر فيه من قول "يا حيُّ يا قيوم لا إله إلا أنت"، فلهذا الذكر في هذا الموطن تأثيرٌ عجيب (٣).

ثمَّ ينهض إلى صلاة الصبح قاصدًا الصفَّ الأوَّل عن يمين الإمام أو خلف قفاه. فإن فاته ذلك قصدَ القربَ منه مهما أمكن، فإنَّ للقربِ من الإمام تأثيرًا (٤) في سرّ الصلاة. ولهذا القرب تأثيرٌ في صلاة الفجر خاصَّةً يعرفه من عرف قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (٧٨)} [الإسراء/ ٧٨]. قيل: يشهده اللَّه عزَّ وجل وملائكته. وقيل: يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، فيتفق نزول هؤلاء البدل عند صعود أولئك فيجتمعون في صلاة الفجر، وذلك لأنَّها في (٥) أوَّل ديوان النهار وآخر ديوان الليل فيشهدها ملائكة الليل والنهار. واحتجَّ لهذا القول بما في الصحيح من حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَضْلُ صلاة الجميع على صلاة الواحد


(١) "ب": "متقويًّا بها".
(٢) في الأصل: "شأن" بالرفع. والمثبت من "ف" وغيرها.
(٣) انظر: ما نقله في ذلك عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مدارج السالكين (١/ ٥٢٩ و ٣/ ٢٤٦).
(٤) هنا أيضًا في الأصل: "تأثير" بالرفع. والمثبت من "ف" وغيرها.
(٥) "ط": "هي".