للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورحمتُه، ولكن لمَّا حُجِبوا عن معرفته، ومحبته، وتوحيده، وإثبات أسمائه الحسنى وصفاته العلى (١)، ووصفه بما يليق به، وتنزيهه عمَّا يليق به = صاروا أسوأَ حالًا من الأنعام، وضُرِبوا بالحجاب، وأُبعِدوا عنه بأقصى البعد، وأخرجوا من نوره إلى الظلمات، وغُيِّبتْ قلوبُهم من (٢) الجهل به وبكماله وجلاله وعظمته في غيابات (٣)، ليتمَّ عليهم أمرُه (٤)، وينفذ فيهم حكمُه، واللَّه عليم حكيم (٥).

فصل

واللَّه سبحانه مع كونه خالقَ كلِّ شيء، فهو موصوف بالرضا والغضب، والعطاء والمنع، والخفض والرفع، والرحمة والانتقام. فاقتضت حكمته تعالى أن خلقَ دارًا لطالبي رضاه العاملين بطاعته، المؤثرين لأمره، القائمين بمحابه، وهي الجنَّة. وجعل فيها كل شيء مرضي، وملأها من كلِّ محبوب ومرغوب ومشتهًى ولذيذ، وجعل الخيرَ بحذافيره فيها، وجعلها محلَّ كلِّ طيبٍ من الذوات والصفات والأقوال.

وخلق دارًا أخرى لطالبي أسباب غضبه وسخطه، المؤثرين لأغراضهم (٦) وحظوظهم على مرضاته، العاملين بأنواع مخالفته، القائمين بما يكره من الأعمال والأقوال، الواصفين له بما لا يليق به،


(١) "ط": "العليا".
(٢) "ك، ط": "في"، تحريف.
(٣) "ب": "غايات". "ك، ط": "غابات"، تحريف. وغَيابة الجُب: قعره.
(٤) "ك، ط": "أمده" تحريف.
(٥) "واللَّه عليم حكيم" ساقط من "ن". وفيها وفي "ك، ط" زيادة: "واللَّه أعلم".
(٦) "ط": "لأغراضها". وصحح في القطرية.