للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجاحدين لما أخبرتْ به رسلُه من صفات كماله ونعوت جلاله، وهي جهنَّم. وأودعها كل شيء مكروه، وشحنَها (١) من كلِّ مؤذٍ (٢) ومؤلم، وجعل الشرَّ بحذافيره فيها، وجعلها محلَّ كلِّ خبيث من الذوات والصفات والأقوال والأعمال.

فهاتان الداران هما دار القرار (٣).

وخلق دارًا ثالثة هي كالميناء لهاتين الدارين، ومنها يتزود المسافرون إليهما، وهي دار الدنيا. ثمَّ أخرج إليها من آثار (٤) الدارين بعضَ ما اقتضته أعمالُ أربابهما وما يُستدل به عليهما، حتَّى كأنَّهما رأيُ عين، ليصير للإيمان (٥) بالدَّارين -وإن كان غيبًا- وجهُ (٦) شهادة تستأنس (٧) به النفوس، وتستدلّ به. فأخرج سبحانه إلى هذه الدار من آثار رحمته من الثمار والفواكه، والطيبات، والملابس الفاخرة، والصور الجميلة، وسائر ملاذّ النفوس ومشتهاها ما هو نفحةٌ من نفحات الدار التي جعل ذلك كله فيها على وجه الكمال. فإذا رآه المؤمنون ذكّرهم بما هناك من الحَبْرة (٨) والسرور والعيش الرخي، كما قيل:


(١) "ك": "سجنها"، "ط": "وسجنها مليءٌ". ولعل هذه الزيادة سببها التصحيف السابق.
(٢) "ب، ك": "شيء مؤذ".
(٣) كذا في الأصل وغيره به. فراد "الدار". وفي "ط": "دارا القرار".
(٤) "ك، ط": "أثمار".
(٥) "ب، ك": في "الإيمان".
(٦) "وجه" ساقط من "ب".
(٧) "ف": "تستأثر". "ن": "تستأمن"، والظاهر أنَّ كليهما تحريف.
(٨) "ب، ك، ط": "الخير".