للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاعدة

إذا ابتلى اللَّه عبدَه بشيء من أنواع البلايا (١) والمحن فإنْ ردّه ذلك الابتلاءُ والامتحان (٢) إلى ربّه، وجمعه عليه، وطرحه ببابه، فهو علامة سعادته وإرادة الخير به. والشدّة بَتْراءُ لا دوام لها وإن طالت، فتقلع عنه حين تقلع، وقد عُوِّض منها أجل عوض وأفضلَه، وهو رجوعُه إلى اللَّه بعد أن كان شاردًا عنه، وإقبالُه عليه بعد أن كان نائيًا عنه، وانطراحُه على بابه وقد كان عنه معرضًا (٣)، وللوقوف على أبواب غيره متعرّضًا.

وكانت البلية في حقّ هذا عين النعمة، وإن ساءَته، وجمرهها طبعه، ونفرت منها نفسه.

فربّما كان مكروهُ النفوسِ إلى ... محبوبِها سببًا ما مثله سببُ (٤)

وقوله تعالى في ذلك هو الشفاءُ والعصمة: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة/ ٢١٦].

وإن لم يردَّه ذلك البلاءُ إليه، بل شرّد قلبَه عنه، وردّه إلى الخلق، وأنساه ذكرَ ربِّه، والضراعةَ إليه، والتذلّلَ بين يديه، والتوبةَ والرجوع


(١) "ب": "عبده بأنواع البلايا".
(٢) "ك، ط": "المحن".
(٣) "ب، ك، ط": "بابه بعد أن كان معرضًا".
(٤) أثبت هذا البيت في "ف، ك، ط" نثرًا. وقد أنشده المؤلف في زاد المعاد (٣/ ٣١٠) وإغاثة اللهفان (٢/ ٨٠٣)، وشفاء العليل (٣٤٤)، ومدارج السالكين (١/ ٥٠١). وهو من أبيات أوردها ابن العديم في بغية الطلب (٣٧٩٢).