للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

قال أبو العبّاس (١): "وقال قوم: ليس للمحبَّة صيغة يعبّر بها عن حقيقتها. فإنَّ الغيرة من أوصاف المحبة، والغيرة تأبى إلا التستّر والاختفاء (٢). وكلُّ من بسط لسانه بالعبارة (٣) عنها والكشف عن سرّها، فليس له منها ذوق، وإنَّما حرَّكه وجدانُ الرائحة، ولو ذاقَ منها (٤) شيئًا لغاب عن الشرح والوصف. فالمحبة (٥) لا تظهر على المحبّ بلفظه، وإنَّما تظهر عليه بشمائله ونحوله (٦). ولا يفهم حقيقتها من المحبّ سوى المحبوب، لموضع امتزاج (٧) الأسرار من القلوب، كما قيل:

تُشير فأدري ما تقول بطرفها ... وأُطرِقُ طرفي عند ذاك فتعلَمُ

تكلَّمُ منَّا في الوجوه عيونُنا ... فنحن سكوتٌ والهوى يتكلَّمُ (٨) "


(١) محاسن المجالس (٩١).
(٢) المجالس: "الستر والإخفاء".
(٣) رسم الأصل يشبه "فالعبارة". وكذا قرأها ناسخ "ف". وقال في الحاشية: العله في العبارة". والصواب ما أثبتنا من "ب" وغيرها. وستأتي الكلمة مرة أخرى في ص (٦٨١).
(٤) سقط "منها" من "ط"، واستدرك في القطرية.
(٥) "ك، ط": "فإن المحبة".
(٦) المجالس: "لحظه".
(٧) رسمها في الأصلِ يشبه "اقتراح". وأثبت ناسخ "ف": "إقراح". وفي المجالس: "امتزاج الأسرار والقلوب". وأشار محققه إلى أن في نسخة: "اقتراح"، وهي أقرب إلى أصلنا لولا نقطة الزاي. وفي "ب": "امتزاج" كما أثبتنا. وفي "ك، ط": "اقتداح". وستأتي الكلمة مرة أخرى.
(٨) هذا البيت للعباس بن الأحنف في ديوانه (٢٧٣)، وهو مضمّن هنا.