للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يراهم المؤمنون من حيث لا يرونهم (١).

فهذه مذاهب النَّاس في أحكامهم في الآخرة.

وأمَّا أحكامهم في الدنيا فاختلف النَّاس: هل هم مكلَّفون بالأمر والنَّهي، أم مضطرُّون إلى أفعالهم؟ (٢) على قولين حكاهما أبو الحسن الأشعري في كتاب "المقالات" له فقال: واختلف النَّاس في الجنّ، هل هم مكلَّفون، أم مضطرّون؟ فقال (٣) قائلون من المعتزلة وغيرهم: هم مأمورون منهِيُّون، وقد أمروا ونُهوا، وهم مختارون. وزعم زاعمون أنَّهم مضطرُّون (٤).

قلت: الصواب الذي عليه جمهور أهل الإسلام أنَّهم مأمورون منهيُّون مكلَّفون بالشريعة الإسلامية. وأدلَّة القرآن والسنَّة على ذلك أكثر من أن تحصر. فإضافة هذا القول إلى المعتزلة بمنزلة أن يقال: ذهبت المعتزلة إلى القول بمعاد الأبدان ونحو ذلك ممَّا هو من أقوال سائر أهل الإسلام.

وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ


(١) في مجموع الفتاوى (٤/ ٢٣٣) أنه حديث رواه الطبراني، وقال في (١٩/ ٣٩): "وقد روي" من غير عزو. ولم أجده في معاجم الطبراني وغيرها. وذكر الحافظ في الفتح (٦/ ٣٤٦) أن هذا القول منقول عن مالك وطائفة. وأن بعضهم قال إنهم من أصحاب الأعراف. وبعضهم رأى التوقف. فهي أربعة أقوال.
(٢) "ك": "هم مضطرون". "ط": "هم مضطرون على. . . ".
(٣) "ف": "قال"، سهو.
(٤) مقالات الإسلاميين. (٤٤٠).