للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فضلهم وشرفهم أنَّ اللَّه سبحانه اختصَّهم بوحيه، وجعلهم أُمَناءَ على رسالته، ووسائط (١) بينه وبين عباده، وخصَّهم بأنواع كرامته (٢): فمنهم من اتخذه خليلًا، ومنهم من كلَّمه تكليمًا، ومنهم من رفعه (٣) على سائرهم درجات. ولم يجعل لعباده وصولًا إليه إلا من طريقهم، ولا دخولًا إلى جنته إلا من خلفهم، ولم يكرم أحدًا منهم بكرامة إلا على أيديهم؛ فهم أقرب الخلق إليه وسيلة، وأرفعهم عنده درجة، وأحبهم إليه وأكرمهم عليه.

وبالجملة فخير الدنيا والآخرة إنَّما ناله العباد على أيديهم. وبهم عُرِفَ اللَّهُ، وبهم عُبدَ وأُطيع، وبهم حصلت محابّه تعالى في الأرض، وأعلاهم منزلةً أولوَ العزم منهم المذكورون في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى/ ١٣]. وفي قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب/ ٧] (٤). وهؤلاء هم الطبقة العليا من الخلائق، وعليهم تدور الشفاعة حتى يردّوها إلى خاتمهم وأفضلهم -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الطبقة الثانية: من عداهم من الرسل على مراتبهم من تفضيلهم بعضهم على بعض.


= بلفظ الآية.
(١) "ط": "واسطة".
(٢) "ك، ط": "كراماته".
(٣) زاد بعده في "ط": "مكانًا عليًّا".
(٤) "وفي قوله تعالى. . . " إلى هنا ساقط من "ط".