للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقولان قويان محتملان، واللَّه أعلم.

فهؤلاء الطبقات هم أهل الجنَّة الذين لم تمسّهم النار.

الطبقة الثالثة عشرة (١): طبقة أهل المحنة والبلية، نعوذ باللَّه، وإن كانت آخرتهم إلى عفو وخير. وهم قوم مسلمون خفَّت موازينهم، ورجححت سيئاتهم على حسناتهم، فغلبتها السيئات. فهذه الطبقة هي (٢) التي اختلفت فيها أقاويل الناس، وكثُر فيها خوضهم، وتشعَّبت مذاهبهم، وتشتّتت آراؤهم.

فطائفة كفَّرتهم، وأوجبت لهم الخلود في النار. وهذا مذهب أكثر الخوارج، بل يكفّرون من هو أحسن حالًا منهم، وهو مرتكب الكبيرة الذي لم يتب منها، ولو استغرقتها حسناتُه.

وطائفة أوجبت لهم الخلود في النار، ولم تُطْلِقْ عليهم اسمَ الكفر، بل سمّوهم منافقين. وهذا المذهب ينسب إلى البكرية أتباع بكر ابن أخت عبد الواحد (٣).

وطائفة نزَّلتهم منزلةً بين منزلتي (٤) الكفار والمؤمنين، فجعلوا أقسام


= (٣/ ٢٣٣ - ٢٣٤).
(١) في الأصل: "عشر". وكذا في "ف، ك". والمثبت من "ب، ط".
(٢) "هي": ساقط من "ك، ط".
(٣) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣١٧). ونحوه في تأويل مختلف الحديث (٩٦). وذكر ابن حزم أن المذنب من أهل ملتنا عند بكر ابن أخت عبد الواحد كافر مشرك كعابد الوثن، صغيرًا كان ذنبه أو كبيرًا، ولو فعله على سبيل المزاح؛ إلّا أن يكون بدريًّا فهو كافر من أهل الجنة! انظر: الفصل (٢/ ٢١٧، ٢٩١).
(٤) "ك، ط": "منزلة".