للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلق ثلاثةً: مؤمنين، وكفَّارًا، وقسمًا لا مؤمنين ولا كفَّارًا بل بينهما، وأوجبت لهم الخلود في النَّار. وهذا هو الرَّأي الذي أصفَقَ (١) عليه أهلُ الاعتزال، وهو أحد أصولهم الخمس (٢) التي هي قواعد مذهبهم، وهي: "التوحيد" الذي مضمونه جحدُ صفاتِ الخالق ونعوتِ كماله، والتعطيل المحض. و"العدل" الذي مضمونه نفي عموم قدرة اللَّه، وأنَّه لا قدرة له على أفعال الحيوانات، بل هي خارجة عن ملكه وخلقه وقدرته، وأنَّه يريد ما لا يكون ويكون ما لا يريد، وأنَّه (٣) لا يقدر أن يهدي ضالًّا، ولا يُضِلّ (٤) مهتديًا، ولا يجعل المصلِّي مصلِّيًا والذاكر ذاكرًا والطائف (٥) طائفًا. تعالى اللَّه عن إفكهم وشركهم علوًّا كبيرًا. و"المنزلة بين المنزلتين" التي مضمونها إيجاب الخلود في النار (٦) للمسلم المبالِغ في طاعة ربه الذي أفنى عمره في عبادته وطاعته، ومات مُصِرًّا على كبيرة واحدة. تعالى اللَّه عمَّا نسبوه إليه من ذلك وجلَّ عن هذا الافتراء. و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الذي مضمونه الخروج على أئمة الجور بالسيف، وخلع اليد من طاعتهم، ومفارقة جماعة المسلمين. والأصل الخامس: "النبوة" (٧)، مع أنَّهم لم يوفّوها حقَّها، بل هضموها


(١) أصفق القوم على الأمر: أطبقوا عليه. وفي "ب": "اتفق". والكلمة ساقطة من "ك، ط".
(٢) كذا في الأصل وغيره، وهو جائز في العربية. وفي "ط": "الخمسة".
(٣) "ك، ط": "فإنّه"، خطأ.
(٤) "ط": "ولا أن يضل".
(٥) "ط": "ولا الذاكر ذاكرًا ولا الطائف" بزيادة "لا" في الموضعين.
(٦) "ط": "إيجاب القول بالنار"، تصرّف غريب!
(٧) كذا ذكر المؤلف هنا "النبوّة" من الأصول الخمسة للمعتزلة، والمشهور مكانها: إنفاذ الوعيد، أو الوعد والوعيد. انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣١١)، =