للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبوديته باسمه "الظاهر الباطن" (١) فهذا هو العارف الجامع لمتفرقات التعبد ظاهرًا وباطنًا.

فعبوديته باسمه "الأوَّل" تقتضي التجردَ من مطالعة الأسباب والوقوف عندها (٢) والالتفات إليها، وتجريدَ النظرِ إلى مجرد سبق فضله ورحمته وأنَّه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد، إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده، وأي وسيلة كانت هناك! وإنَّما هو عدم محض، وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورًا. فمنه الإعداد، ومنه الإمداد، وفضله سابق على الوسائل، والوسائل من مجرد فضله وجوده لم تكن بوسائل أخرى، فمن نزَّل اسمه الأوَّل على هذا المعنى أوجبَ له ذلك (٣) فقرًا خاصًّا وعبودية خاصة.

وعبوديته باسمه "الآخر" تقتضي أيضًا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب والوقوف معها، فإنَّها تُعدَم (٤) لا محالة، وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها. فالتعلق بها تعلُّقٌ بما يُعدَم وينقضي، والتعلق بالآخِر سبحانه تعلقٌ بالحي الذي لا يموتُ ولا يزول فالتعلُّق (٥) به حقيق أن لا يزول، ولا ينقطع، بخلاف التعلّق بغيره مما له آخِرٌ يفنى به. فكما (٦) نظرُ العارفِ إليه بسبق الأوليّة حيث كان قبل الأسباب كلها،


(١) " ن، ك، ط": "والباطن".
(٢) "عندها": ساقط من "ك، ط".
(٣) "ذلك" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ط": "تنعدم ".
(٥) "ط": "فالمتعلّق"، وهو خطأ.
(٦) "ط": "كذا".