للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: "مَنْ ذَكَرَني في نَفْسه ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرْتُهُ في مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ" (١). فهذا ذكرٌ ثانٍ بعد ذكر العبد لربّه غير الذكر الأوَّل الذي ذكره به (٢) حتى جعله ذاكرًا، وشعورُ العبد بكلا الذكرَين يُوجب له غنى زائدًا على إنعام ربّه عليه وعطاياه له.

وقد ذكرنا في كتاب "الكلم الطيب والعمل الصالح" (٣) من فوائد الذكر استجلابَ ذكرِ اللَّه لِعبده. وذكرنا قريبًا من مائة فائدة تتعلَّق بالذكر، كل فائدةٍ منها لا خطَر (٤) لها. وهو كتاب عظيم النفع جدًّا.

والمقصودُ أنَّ شعور العبد وشهودَه لذكر اللَّه له يُغني قلبه ويَسدُّ فاقته، وهذا بخلاف مَن نسوا اللَّه فنسيَهم؛ فإنَّ الفقرَ من كُلّ خير حاصلٌ لهم، وما يظنون أنَّه حاصل لهم من الغنى فهو من أكبر (٥) أسباب فقرهم.


(١) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. أخرجه البخاري في كتاب التوحيد (٧٤٠٥) وغيره، ومسلم في الذكر (٢٦٧٥).
(٢) "به" ساقط من "ف".
(٣) ص (٩٦). وقد صدر الكتاب في هذه السلسلة بعنوان "الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب".
(٤) كذا في الأصل وغيره. أي لا مثيل لها، ولا عوض عنها. في حديث أسامة بن زيد: "ألا مشمّر للجنة، فإنّ الجنَّة لا خطر لها" رواه ابن ماجه (٤٣٣٢). وقال المصنف في زاد المعاد (٤/ ٢٧٣): "فلا تبع لذة الأبد التي لا خطر لها بلذة ساعة تنقلب آلامًا". وانظر: اللسان (خطر). وفي ط: "لا نظير لها"، ولعله تغيير من ناسخ أو ناشر.
(٥) "ف": "آكد". "ن": "أحد"، والصواب ما أثبتنا.