للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عذَّبه؟ وهل تكون رحمتُه له جزاءً لعمله، ويكون العمل ثمنًا لها مع تقصيره فيه وعدم توفيته ما ينبغي له من بذل النصيحة فيه، وكمال العبودية من الحياء والمراقبة، والمحبّة والخشوع وحضور القلب بين يدي اللَّه في العمل كله (١)؟

ومَن علِمَ هذا عَلِمَ السرَّ في كون أعمال الطاعات تُختَم بالاستغفار، ففي صحيح مسلم عن ثوبان قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلَّم من صلاته استغفر ثلاثًا. وقال: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" (٢).

قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)} [الذاريات/ ١٧ - ١٨]. فأخبر عن استغفارهم عقيبَ صلاة الليل. قال الحسن: "مدّوا الصلاة إلى السحرِ، فلما كان السحر جلسوا يستغفرون اللَّه" (٣).

وأمر تعالى عبادَه بالاستغفار عقيب الإفاضة في الحجّ فقال: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)} [البقرة/ ١٩٩].

وشرع (٤) -صلى اللَّه عليه وسلم- للمتوضئ أن يختم وضوءَه بالتوحيد والاستغفار فيقول: "أشهدُ أنْ لا إِلهَ إلا اللَّهُ وأشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرسولُه. اللَّهم


(١) "ك، ط": "له".
(٢) تقدّم تخريجه في ص (٤٤٣).
(٣) تفسير الطبري (٢٦/ ٢٠٠)، تفسير القرطبي (١٧/ ٢٦).
(٤) "ط": "شرع رسول اللَّه".