للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجْعَلْنِي من التَّوابِين واجْعَلْنِي من المُتَطَهِّرين" (١).

فهذا ونحوه ممَّا يبيّن حقيقة الأمر، وأنَّ كل أحد محتاج إلى مغفرة اللَّه ورحمته، وأنَّه لا سبيل إلى النجاة بدون مغفرته ورحمته أصلًا.

الجواب الثاني: أنَّه لو فرض أنَّ العبد يأتي بمقدوره (٢) كلّه من الطاعة ظاهرًا وباطنًا، فالذي ينبغي لربّه تعالى فوق ذلك وأضعاف أضعافه. فإذا عجز العبد عنه لم يستحقّ ما يترتب عليه من الجزاءِ. والذي أتى به لا يقابل أقلَّ النعم، فإذا حرم جزاءَ العمل الذي ينبغي للربِّ من عبده كان ذلك تعذيبًا له، ولم يكن الربّ تعالى ظالمًا له في هذا الحرمان. ولو كان عاجزًا عن أسبابه فإنَّه لم يمنعه حقًّا يستحقّه عليه فيكون ظالمًا بمنعه. فإذا أعطاه الثواب كان مجرّد صدقة منه وفضل تصدَّق بها عليه، لا ينالها عملُه، بل هي خير من عمله وأفضل وأكثر، ليست معاوضة عليه. واللَّه أعلم.

الجواب الثالث (٣) عن السؤال الأوَّل: أنَّ العبد إذا علم أنَّ اللَّه سبحانه هو مقلِّب القلوب، وأنَّه يحول بين المرءِ وقلبِه، وأنَّه سبحانه كلّ يوم هو في شأن، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأنَّه يهدي من يشاء، ويضلّ من


(١) تقدّم تخريجه في ص (٤٦٨).
(٢) "ف": "فرض العبد يأتي مقدوره"، خلاف الأصل.
(٣) كذا في الأصل وغيره، وهو سهو. وقد كتب المصنف رحمه اللَّه أولًا: "الوجه الخامس: قوله: وأما الخواص أهل الاختصاص"، ثم تذكر أن عليه ثلاثة أجوبة قد وعد بها من قبل (٦٢٠)، فضرب على العبارة السابقة، وكتب: "الجواب الثالث". ثم وضع علامة اللحق وأضاف في الحاشية: "عن السؤال الأول". وذهب عليه أنه لم يسبق إلّا جواب واحد عنه، فهذا الجواب هو الثاني لا الثالث.