للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-كما تقدم- نوعان: فقرٌ إلى ربوبيته، وهو فقر المخلوقات بأسرها؛ وفقرٌ إلى إلاهيته (١)، وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده [الصالحين] (٢)، وهذا هو الفقر النافع. والذي يشير إليه القوم، ويتكلمون عليه، ويشمرون إليه، هو الفقر الخاص لا العام. وقد اختلفت عباراتهم عنه ووصفهم له، وكلٌّ أخبرَ عنه بقدر ذوقه وقدرته على التعبير.

[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي، وتفسير كلامه]

قال شيخ الإسلام الأنصاري: "الفقر اسم للبراءة من رؤية الملَكة، وهو على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: فقر الزهاد، وهو نفضُ اليدين من الدنيا ضبطًا أو طلبًا، وإسكات اللسان عنها ذمًّا أو مدحًا، والسلامةُ منها طلبًا أو تركًا، وهذا هو الفقر الذي تكلَّموا في شرفه.

الدرجة الثانية: الرجوعُ إلى السبق بمطالعة الفضل، وهو يورث الخلاص من رؤية الأعمال، ويقطع شهود الأحوال، ويمحّص من أدناس مطالعات (٣) المقامات.

الدرجة الثالثة: صحة الاضطرار، والوقوعُ في يد التقطع الوحداني، والاحتباس في قيد (٤) التجريد، وهو فقر الصوفية" (٥).


(١) "ك، ط": "ألوهيته".
(٢) ما بين الحاصرتين من "ك، ط".
(٣) "ط": "مطالعة" كما في مدارج السالكين (٢/ ٥٠).
(٤) "ط": "في بيداء قيد"، كما في المدارج وبعض نسخ منازل السائرين.
(٥) منازل السائرين (٥٦). وقارن تفسير المؤلف لكلام الهروي هنا، بما فسره في المدارج (٢/ ٤٩٧ - ٥٠٢).