للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعانيه، فإن كان لفظها موافقًا لما جاءَ به الرسول، يتضمّن إثبات ما أثبته أو نفي (١) ما نفاه، فلا يكون المعنى إلا حقًّا، فيقبلون ذلك الإلزام، وإن كان مخالفًا لما جاءَ به الرسول، متضمّنًا لنفى ما أثبته أو إثبات ما نفاه، كان باطلًا لفظًا ومعنًى، فيقابلونه بالردِّ.

وإنْ كان لفظًا مجملًا محتملًا لحق وباطل لم يقبلوه مطلقًا، ولم يردّوه مطلقًا (٢)،. حتى يستفسروا قائله ماذا أراد به. فإنْ أراد معنًى صحيحًا مطابقًا لما جاءَ به الرسول قبلوه ولم يطلقوا اللفظ المحتمل (٣) إطلاقًا. وإنْ أراد معنًى باطلًا ردّوه ولم يطلقوا نفيَ اللفظ المحتمل أيضًا.

فهذه قاعدتهم التي بها يعتصمون وعليها يعوّلون. وبسط هذه الكلمات يستدعي أسفارًا لا سِفرًا واحدًا، ومن لا ضياء له لا ينتفع بها ولا بغيرها. فلنقتصر عليها، ولنعد إلى المقصود، فنقول وباللَّه التوفيق:

فرَحُ الربِّ تعالى هذا الفرحَ العظيمَ بتوبة عبده إذا تاب إليه هو من ملزومات محئته ولوازمها، أعني كونَه محِبًّا لعبادته المؤمنين، محبوبًا لهم. وإنَّما خلق خلقه لعبادته المتضمّنة لكمال محبَّته والخضوع له، ولهذا خلق الجنَّة والنَّار، ولهذا أرسل الرسل وأنزل الكتب. وهذا هو الحق الذي خلق به السماوات والأرضِ، وأنزل به الكتاب.

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}


(١) "ك، ط": "ونفي".
(٢) "ولم يردوه مطلقًا" ساقط من "ب".
(٣) "ب": "المجمل".